1 _ لا شك أن الصورة لتعبر عن كتاب يحتضن بين دفاته مجتمع شمامة الكادح، الكريم، في الأزمنة الغابرة، مجتمع تهوي إليه قوافل التجار، والمحتاجين من كل هضبة وتلال، في رحلات الصيف والشتاء، ثم تعود محملة بالحبوب والبقول والخضروات، ف…يبقى المواطن ” الشمامي ” يصارع غضب الطبيعة من لهيب الشمس الحارقة، إلى الحشرات، والزواحف القاتلة ينتظر دورة فيضان نهر ” صنهاجة ” ليبدأ معركة العطاء التي تنتهي بالحصاد، ثم ماتلبث أن تعود من جديد، كأنها شريط لا ينقطع.
ومعركة صراع الإنسان في حوض شمامة مع جنود الطبيعة من مسيرات الصراصير والجراد إلى جحافل الطيور، وديدان الأرض، وقطعان الحيوانات الأليفة وصفها الشاعر الراحل أبوبكر الفاضيلي في لوحة فنية فريدة عجز الفنان التشكيلي الإسباني بيكاتشو عن رسمها وهذه هي التحفة التي رسمها أديبنا في مخيلته للأجيال المتعاقبة:
/ أبو بكر الفاضلي
ويوم من أيام الوغى ليس مثله
من الدهر يوم لا حنين ولا بدر
ولا أحد كلا ولا الجل إنه
على كل أيام الحروب له فخر
فبينا لنا والدهر ينتح غارزا
حرائث زرع ناعم نبتها نضر
نطوف بها دوما ونزعم أننا
إذا ما حصدناها فقد حصد الفقر
وحتى إذا كادت تعيش رعاتها
اتيح لها طير مناقرها حمــــــــر
فلما رأيناها تحاول أكلها
وللشر أهوال يضيق بها الصدر
أخذنا سواويطا كأن رنينها
رنين قسي النبع هيجها نتر
وظلنا قياما لاقعودا كأننا
جذوع رواس ما يزول بها دهر
ولا وقعت فى الوقت من صلواتنا
صلاة فما ظهر أداء ولا عصر
يظن إذاً من قد رأى ذاك أننا
زناديق كفار وليس بنا كفر
بلى إن دين المصطفى هو ديننا
لك الحمد مولانا على ذاك والشكر
ولكن تلك الطير لم أرَ مثلها
عن الزجر والتسواط يشغلها النقر
إذا ما هزمنا عصبة من جيوشها
أتت عصبة من بعدها مكرها المكر
فما زال هذا دأبنا وهو دأبها
لدن أشرقت حتى تضمنها البحر
2 – شمامة إقيانوس يمتد من آخر نقطة حدودية من مقاطعة كرمسين مع السنغال بولاية إترارزة إلى منطقة كاراكورو إلى الحدود الجنوبية الشرقية مع مالي عند ملتقى ولايتي كيديماغا ولعصابة، اي أن حوض شمامة يشمل أربع ولايات حدودية من ولايات موريتانيا هي:
إترارزة ولبراكنة وكورغول وكيديماغا بطول أكثر من 600كلم، وولاية إترارزة وحدها بها أربع مقاطعات في غلاف شمامة وكبدها، وهذه المقاطعات هي:
مقاطعة كرمسين، مقاطعة روصو، مقاطعة انتيكان، مقاطعة اركيز
هذا دون أن نذكر مقاطعات بوكى وبابا بى وامباي في ولاية لبراكنة، علاوة على مقاطعات:
مقامة وكيهيدي ولكصيبة 2 و امبود بولاية كوركول فضلا عن مقاطعات:
ومبو، وكوري وغابو بولاية كيديماغا.
* _ شمامة..و الجانب العقدي والثقافي :
مجتمع شمامة يمثل صورة مصغرة عن التركبة الديمغرافية للدولة الموريتانية عرب وبولار وسونوكى وولوف القاسم المشترك بينهم الديانة الإسلامية و المذهب المالكي وتنتشر فيهم الطرق الصوفية إلى جانب إخوتهم في كيانات إذراع والصحراء .
أما من ناحية الألعاب الشعبية والفنون الفلكلورية فلكل حيز ألوانه الموسيقية كالمديح النبوي الشريف، والقيثارة، مع إبداعات في الرقص والغناء وأصناف فلكلورية مثيرة ومسلية.
3 _ عانت ساكنة شمامة من غبن تاريخي انعكس سلبا على حياة سكانها طيلة عقود من الزمن ،وبفضل الإصلاحات الإجتماعية، والوعي الجمعي، وانتشار المعرفة، قامت الدولة بإستراتيجية تنموية قربت سكان شمامة مع باقي جهات الوطن ،فشيدت الطرق، والمؤسسات التربوية والمستشفيات ودعمت التعونيات الزراعية و وجهت برامج تنموية وإجتماعية نحو السهل وأدخلت أنواعا مختلفة من الزراعة لم تكن مألوفة كالزراعة المروية والخضروات وشقت القنوات وحولتها إلى قبلة لبلدوزرات المال والأعمال وحملة الشهادات رغم نكبات الملكية و مخلفات المستعمر في مجال الملكية العقارية التي راح ضحيتها الكثير من أبناء شمامة.
4_ النهضة التي شهدتها موريتانيا على كافة الجوانب، كان للثقافة نصيبها الأبرز من مهرجان المدن القديمة الدوري ، إلى مهرجانات المدن الكبرى ،ك…لعيون، ومدن الواحات تجكجة وأطار ومدن أخرى مثل مهرجان جول .
5 _ وبما أن الحياة نظام، كوني، منتظم، من الطبيعي أن يكون مثل هكذا ” فكرة ” تحظى بالإجماع خاصة إذا تعلق الأمر بالتيشطيات من جهة، ومن ” تولفة ” تجمعات وقرى والفاعلين الإجتماعيين والوجهاء من شريط شمامة الممتد من إنجاكو في الجنوب الغربي إلى غابو في الجنوب الشرقي بولاية كيديماغا وبطبيعة الحال وتعزيزا لأواصر القربى بين أبناء ضفاف الدول الثلاثة موريتانيا و السنغال ومالي وحتى غينيا التي عادت إلى منظمة استثمار نهر صنهاجة من الواجب مشاركة ضيوف شرف من سكّان مناطق الحدود.
فالعمل كلما كان جماعيا، وأكثر توافقا، كلما كان أكثر نجاحا،أما القرارت الأحادية فإنها سلبية بالمجمل.
6 _ إنما يروج له البعض عن معارضة أطر التيشطيات لنظام محمد ولد الشيخ الغزواني هو دعاية كيدية ،لا تنطلي على أحد _ والدولة أدرى بذلك _ وقد أثبتت صناديق الإقتراع في الرئاسيات الفارطة أن الولاء الحزبي تجسد في قريتين من مركز إنتيكان آنئذن هما التيشطيات و لمحارية في وقت اجتاح فيه بيرام الداه اعبيد جميع مناطق الضفة تقريبا وانتيكان خاصة ،وولاء أطر التيشطيات الذين كتب التاريخ أسماءهم في مختلف مراكز القرار العليا، ولبس وجهاءهم ثياب الشهرة والعزة والتمثيل اللائق وحسن العلاقات مع المكونات الإجتماعية في إترارزة وغيرها جعلت الدولة تمنحهم جميع الخدمات قبل ميلاد البلدية التي وجدت الطريق مفروشا بالورود:
بنية تحتية كاملة:
مدرسة مكتملة…
إعدادية….
شبكة مياه…
شبكة إنارة…
شبكة إتصالات…
حديقة أطفال…
آبار…
مخازن…
مشروع التنمية الجماعية..ADC
بنك حبوب…
نقطة لبيع السمك بأسعار مخفضة…
7- إن مجتمعا متعلما لا يقبل القرصنة وإستضافة رؤساء البلد ناهيك عن الوزراء في جولات عملية وطنية لن يقبل إلا رأيا رشيدا توافقيا على غرار الخريطة التي رسمت بطرق سليمة ،فالمناسبات الكبرى تأبى مسألتين الإرتجالية والإنفرادية بعد ذلك لم تعرف ساكنة التيشطيات الزراعة المروية ،فهم أقرب إلى إذراع ثقافيا منهم الى شمامة و عليه فإن ركوب الموج لايصح إلا في النقاط المائية كما هو الحال في شمامة .
هذه الثقة منحت أطر التيشطيات أعلى المناصب المقاطعاتية والوطنية فقد كان النائب محمد كين عضوا في محكمة العدل السامية بينما حافظت النائب الدكتورة ميمونة بنت أحمد سالم على رئاسة لائحة مرشحي حزب الدولة في ولاية نواكشوط الجنوبية وهي الآن نائبا في البرلمان .
كما أن خريطة وزارة الداخلية عن الشخصيات الوازنة وطنيا لم تسجل في مقاطعة انتيكان من ساكنة التيشطيات إلا النائب محمد ولد محمود وميمونة بنت أحمد سالم قبل وجود… هذا دون أن ننسى أطر آخرين من بينهم لا الحصر _ الحمد لله –
الدكتور حميني ولد سيدي الذي تقلد عدة مناصب إداراتية وهو الآن رئيس لجنة اسماء الأماكن ،وأحمد ولد خطري مدير ميناء تانيت، و
السياسي البارز والمخضرم على مستوى مقاطعة انتيكان واركيز الدكتور الوجيه أحمد سالم ولد محمود وغيرهم،والدكتور محمد لمين ولد فن رئيس قطب ولايات الشمال.
الجبال، لا يضرها الصقيع،ولا “النقيق “والوقائع تفند الأساطير…
شمامة لأهل شمامة،وتظاهرة حشروية تحتاج إلى نسق تشاركي محليا وجواريا حتى تأخذ منحى النجاح…
بقلم: محمد ولد سيدي كاتب صحفي
