آراءالرئيسية

قراءة في تشكيلة الحكومة الجديدة/ محمد سيدأحمد بوبه

الحكومة الموريتانية الجديدة التي تم تشكيلها بعد انتخابات الرئاسة الأخيرة تمثل خطوة هامة نحو التغيير والإصلاح في البلاد. يظهر تراجع واضح لدور بعض الأجنحة الأمنية والسياسية في تشكيل الحكومة كعلامة استفهام على تحرر العمل السياسي من التأثيرات الوصفية والحفاظ على استقلال السلطة التنفيذية. تتألف الحكومة من بعض أعضاء ونشطاء في الأجنحة القوية في النظام، مما يعكس رغبة و إرادة سياسية في تقوية بعض الصفوف الأمامية في الأجنحة داخل النظام و منح فرصا للشباب من أصحاب الكفاءة وسهولة الترويض والاستعداد لتنفيذ ما يرسم لهم من سياسات دون إبداء رأي شخصي أو محاولة وضع بصمة شخصية تمكنهم من المشاركة الفعلية في صناعة القرار.

كما تتميز الحكومة الجديدة بتمثيل أوسع للنساء، مما يعكس التزام بتعزيز المشاركة النسوية وتحقيق التمثيل المنصوص عليه.
و على الرغم من التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة، إلا أنه من المهم الاعتراف بالتطورات الإيجابية والتغييرات التي حدثت في التركيبة الحكومية، والتي قد تمهد الطريق لإصلاحات أوسع نطاقاً وتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان في موريتانيا.

حكومة موريتانيا الجديدة الحالية تعتبر من أكثر الحكومات جدلية في تاريخ البلاد. تشكلت الحكومة بعد فوز الرئيس الموريتاني السيد: محمد ولد الشيخ الغزواني، بمأمورية ثانية ومن الشوط الأول من بين عدد من المترشحين أبرزهم النائب بيرام ولد الداه ولد أعبيد والذي عبر فور خروج النتائج عن فوزه وعدم اعترافه بفوز الرئيس المنتخب، وهدد بالنزول إلى الشارع مدعوما بالعديد من الجهات السياسية والمجتمع المدني داخليا وخارجيا.
وبمجرد تسمية الوزير الأول المختار ولد اجاي سارع المرشح الخاسر والنائب السيد: بيرام الداه أعبيد بالتعبير عن مشاعره الإيجابية اتجاه تعيين غريمه بالأمس وزيرا أولا في أول حكومة للرئيس المنتخب والذي رفض هو الاعتراف بنجاحه ولم يحضر لحفل تنصيبه.
كل ذلك حصل سريعا بالإضافة إلى مخاض عسير أفرز حكومة جديدة جلهم من الشباب من داخل الأغلبية الرئاسية والحزب الحاكم وإن تميزت بكونها من غير الصفوف المتقدمة، ورغم هذا النهج المتجدّد، لا يزال هناك انتقادات حول مدى تطبيق حقوق الإنسان وحرية التعبير في البلاد.

و يُعتقد أن الدولة العميقة – أو البيروقراطية العميقة – لا تزال تمتلك نفوذًا كبيرًا في الحياة السياسية والاقتصادية في موريتانيا. هذا الوجود القديم قد يؤدي إلى تحديات للحكومة الجديدة، حيث يمكن أن تعارض الدولة العميقة برامج الإصلاح والتحول التي تعتزم الحكومة تنفيذها وبالتالي قد تلوح قوى داخلية بحجب الثقة عن الحكومة وهو ما سيشكل أول تحدي للوزير الأول.

بالرغم من عدم وجود دلائل ملموسة تشير إلى تهديد النظام أو حل البرلمان بسبب تراجع دور ونفوذ بعض رموز الدولة العميقة، إلا أن عدم وجودها وتمثيلها بشكل متوازن قد يؤثر على تنفيذ برامج الحكومة وقد يثير توترا في السياسة الداخلية، والمصالح الخارجية، وهو ما يجب على الحكومة الجديدة أن تكون على استعداد لمواجهة بالإضافة إلى جملة من التحديات التنموية والحاجة الملحة لتطوير استراتيجيات السياسات العمومية لتحقيق أهدافها بصورة فعالة ومستدامة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى