الأستاذ محمد يحيى ول اجيد ول الشيخ يكتب : قراءة في التداعيات المحتملة لاعلان قوائم مرشحي حزب الانصاف
اعلن حزب الأنصاف الحاكم في موريتانيا قبل عدة أيام، عن لوائح المرشحين للانتخابات البلدية والجهوية والنيابية المقرر إجراؤها في شهر مايو المقبل .
وقد أثارت هذه اللوائح امتعاضاً كبيراً في صفوف الحزب، مما أدى إلى استقالات بالجملة وترشحات للمقصيين من أحزاب أخرى ما قد تكون له تداعيات ادراماتيكيةعلى الحزب نفسه وعلى البلد بشكل عام، وعلى حكم الرئيس محمد ول الشيخ الغزواني الذي يطمح إلى مأمورية ثانية .
بالنسبة لتأثيرات هذه الترشيحات على حزب الأنصاف الحاكم، فإن هذا الأمر يمكن أن يؤدي إلى تفكك الحزب وانقسامات داخلية . مما قد يؤثر سلباً على فرصة الحزب في الفوز في الانتخابات المقبلة. وإذا لم يتم التصدي لهذا الأمر بشكل جيد، فإن هذا قد يؤدي إلى فقدان الدعم الشعبي للحزب وضعف الحكومة .
من الناحية الاجتماعية، فإن التركيبة الاجتماعية الهشة في موريتانيا المكونة من مزيج من القبائل والأعراق والشرائح الاجتماعية يمكن أن تزيد من التوترات الاجتماعية، خاصة إذا كان الانقسام داخل الحزب يتمثل في انقسامات قبلية أو عرقية . اذ يمكن أن يؤدي ذلك إلى زيادة الصراعات والتوترات بين المجتمعات المختلفة في البلاد .
بالإضافة إلى ذلك، فإن هذا الانقسام داخل الحزب قد يؤدي إلى عدم القدرة على تشكيل حكومة قوية ومتماسكة، مما يمكن أن يؤثر سلبًا على قدرة الحكومة في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تراجع الثقة فيها وزيادة الضغوط عليها من قبل المعارضة والشعب .
ومن الناحية السياسية، فإن هذا الانقسام داخل الحزب قد يؤدي إلى ضعف موقف الحكومة في التفاوض مع الدول الأخرى، وخاصة تلك التي تمتلك نفوذًا كبيرًا في المنطقة. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تدهور العلاقات الدولية لموريتانيا وتأثير سلبي على الاقتصاد والتجارة الخارجية.
أما عن التأثيرات على حكم الرئيس محمد ول الشيخ الغزواني ، فإن هذا الانقسام يمكن أن يؤدي إلى ضعف موقفه وتراجع شعبيته ، مما يمكن أن يؤثر على فرصة ترشحه لفترة رئاسية ثانية. وإذا فشل في تشكيل حكومة قوية ومتماسكة ، فإن ذلك قد يعرضه للتحديات السياسية والشعبية، ويمكن أن يؤدي إلى فقدان الثقة فيه من قبل الشعب .
وبشكل عام، فإن هذا الانقسام داخل حزب الأنصاف الحاكم يؤثر سلبًا على البلاد بأكملها، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي تواجهها. ويمكن أن يؤدي إلى زيادة التوترات والصراعات الاجتماعية والعرقية، وتدهور الوضع الأمني والاقتصادي، وتراجع الثقة في الحكومة والقادة السياسيين .
أولاً، يمكن أن تؤدي الترشيحات غير المرضية إلى تقويض وحدة الحزب، وهذا بدوره قد يؤثر على قدرة الحزب على الفوز في الانتخابات. وبالتالي، فإن فوز حزب آخر او مجموعة احزاب يمكن أن يؤدي إلى تغيير الأولويات السياسية والاجتماعية في البلد، وبالتالي تغيير سياسات الحكومة.
ثانيًا، قد يؤدي هذا الصراع داخل الحزب إلى ضعف الثقة العامة في السياسيين والأحزاب، وهو ما يمكن أن يزيد من الاحتجاجات الاجتماعية والاقتصادية للناس وبالتالي زيادة حدة التوتر والانقسام في المجتمع.
أخيرًا، يمكن أن يؤدي هذا الوضع إلى تراجع شعبية الرئيس محمد ول الشيخ الغزواني، وبالتالي تتأثر احتمالية ترشحه لولاية ثانية. وإذا لم يتم التعامل بشكل فعال مع هذه التحديات، فإن ذلك يمكن أن يزيد من حدة الانقسام في المجتمع ويؤدي إلى احتمالية اندلاع العنف والفوضى في البلد .
بعد النظر إلى تاثير اعلان حزب الانصاف لقوائم مرشحيه يمكن القول انها اثارت جدلا واسعا في البلاد مما يعني انه لم يكن قرارا سهلا ولا جيدا بالنسبة للحزب الحاكم .
ومن المهم ايضا النظر الي تاثير هذه القوائم المعلنة على حكم الرئيس الحالي محمد ول الشيخ الغزواني . يمكن القول ان هذه القوائم قد تشكل تحديا لحكمه ، لانها تعني احتمال خسارة بعض المقاعد في البرلمان والبلديات مما يعني تحديا لسلطته وتأثيره في البلاد .
اضافة الى ذلك فان الانتخابات المقبلة في موريتانيا ستكون مفصلية بالنسبة للمستقبل السياسي للبلاد ، حيث يمكن أن تؤدي إلى تغييرات كبيرة في تركيبة البرلمان وقد تؤثر بشكل كبير علي الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلاد .
كما يمكن ان تؤدي — والاحتمالات مفتوحة — الي ان تسهم في تعزيز الشفافية والمشاركة السياسية ، وتعطي فرصة للاحزاب والمرشحين المختلفين للمنافسة في انتخابات حرة ونزيهة وتمنح دافعا قويا لجميع الاحزاب للعمل علي تحسين وتطوير برامجهم وخططهم السياسية، وتعزيز مكانتهم في الساحة السياسية . وبهذا الشكل يمكن للبلاد ان تشهد تحولات ديموقراطية ايجابية وتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة .
وبما أن الانتخابات المقبلة ستكون كما اسلفنا مفصلية لمستقبل موريتانيا ، فانه من المهم لجميع الاحزاب والمرشحين المشاركة بشكل ايجابي في هذه العملية الديموقراطية والالتزام بالقواعد والاخلاقيات السياسية.
علاوة على ذلك فانه من المهم ان تقوم الحكومة بتوفير الظروف اللازمة لاجراء انتخابات حرة ونزيهة ، وضمان ان يتم احترام إرادة الناخبين وتوفير المساواة في الفرص بين جميع الاحزاب والمرشحين .
لتفادي هذه الآثار السلبية، يجب على حزب الانصاف أن يتعامل بشكل فعال مع المشاكل الداخلية ويسعى إلى تحقيق الوحدة داخل الحزب. يمكن أن يحدث ذلك من خلال التفاوض مع المغاضبين الذين تم استبعادهم من الترشيحات وتحسين التواصل مع قاعدة الحزب. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الحزب توضيح خططه وأهدافه بشكل واضح لتحقيق التفاهم والوحدة داخل الحزب والمجتمع.
كما يتعين وضع معايير ثابتة وموضوعية وعصرية لترشيحات حزب الدولة حيث تنوعت هذه المعايير واختلفت باختلاف الانظمة المتعاقبة على الحكم . فقد بدأت وطنية مع الرئيس المؤسس المرحوم المختار ول داداه . ومع الانظمة العسكرية المتعاقبة صارت هجينا من تمثيل للحركات السياسية ناصرية وبعثية واسلاموية وماركسية وتمثيل للزعامات التقليدية والمكونات العرقية . وفي الوقت الراهن لا يكاد المراقب يميز معيارا غير القبلي او المال السياسي .
ومن جهة أخرى، يجب على الحكومة العمل على تحسين الظروف المعيشية للناس وتقليل التوترات الاجتماعية والعرقية. ويجب أن تعمل الحكومة على تقليل الفوارق الاقتصادية والاجتماعية بين الطبقات الفقيرة والأغنياء، وتوفير الخدمات الأساسية للناس في المناطق النائية والفقيرة.
وأخيرًا، يجب أن يعمل الرئيس محمد ول الشيخ الغزواني على توحيد البلد وتعزيز الوحدة الوطنية، وذلك من خلال التحدث مع جميع شرائح المجتمع وتوفير الفرص الاقتصادية والاجتماعية للجميع دون تمييز. وإذا تم التعامل بشكل فعال مع هذه التحديات، فإنه يمكن تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي في موريتانيا وتحسين جودة الحياة للناس في البلد.
يمكن أن يساعد التعاون مع المنظمات الدولية والإقليمية في تحسين الوضع في موريتانيا . اذ يمكن لهذه المنظمات أن تقدم الدعم الفني والمالي لتعزيز الديموقراطية وحقوق الإنسان وتحسين الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية . وعلاوة على ذلك يمكن لهذه المنظمات ان تعمل علي تعزيز الحوار السياسي والتعاون بين الاحزاب السياسية والمجتمع المدني .
كما يتعين على الحكومة وحزبها العمل علي توفير فرص للشباب حيث يشكل الاخير نسبة كبيرة من السكان . ويمكن تحقيق ذلك من خلال توفير فرص العمل والتدريب والتعليم الذي يمكن ان يؤهل الشباب لتحمل المسئولية في مستقبل البلد .
وعلاوة علي ذلك يجب أن تشجع الحكومة الاستثمارات الأجنبية في البلد وتحسين مناخ الاعمال والاستثمار وذلك من خلال تحسين البنية التحتية وتبسيط الإجراءات الادارية والتشريعية للشركات الاجنبية .
واخيرا يجب على الجميع في موريتانيا العمل على تعزيز الوعي السياسي والديموقراطي وتعزيز القيم المدنية والمساهمة في تحسين الوضع في البلد . ويمكن تحقيق ذلك من خلال الحوار والتعاون بين جميع الشرائح الاجتماعية والثقافية والدينية في المجتمع وتعزيز القيم المشتركة والتعايش السلمي وترسيخ سنة التناوب علي الوظائف الانتخابية لدرء خطر الانقلابات والتغييرات غير الدستورية . اذ من المعلوم ان البلاد شهدت في العقود الأخيرة انقلابات عسكرية عدة وحدثت ازمات سياسية كبيرة في الانتخابات بسبب عدم الاتفاق علي شروطها وضماناتها، ومن المهم ان يتعلم القادة السياسيون في موريتانيا من هذه الاحداث ويعملوا على بناء نظام ديموقراطي قوي ومستقر يستند إلى الشفافية والعدالة والاحترام الكامل لحقوق الإنسان .
علاوة علي ذلك يجب أن تعمل الحكومة بشكل فعال على مكافحة الفساد وتحسين الحوكمة وتعزيز الحقوق المدنية والسياسية للمواطنين وتوفير المساواة في الفرص بين جميع الاحزاب والمرشحين .
ومن اجل ضمان عدم عودة الانقلابات العسكرية في المستقبل يجب ان تتمثل الخطوة الأساسية في ارساء ثقافة سياسية جديدة في موريتانيا، ثقافة تركز على الديموقراطية والتعددية واحترام الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين .
موريتانيا بحاجة إلى مستقبل سياسي مشرق وديموقراطي حيث يتم احترام ارادة الشعب ويتم تمثيله بشكل صحيح دون تلاعب او تزوير .
اذا كان الحزب الحاكم يريد الحفاظ على قيادته للبلاد في المستقبل فعليه أن يتخذ خطوات فعالة لتطبيق مبادئ الديموقراطية والشفافية في الانتخابات المقبلة . واذا كانت الحكومة الحالية تتطلع إلى الاستمرار في قيادة البلاد فعليها أن تثبت انها قادرة علي التعامل مع التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها بطريقة مسؤولة وشفافة .
علاوة على ذلك يجب ان تتعاون الحكومة مع المجتمع المدني والمؤسسات الدولية لتعزيز الحريات الاساسية وحقوق الإنسان في البلاد ، وهو امر مهم لتحسين صورة موريتانيا علي المستوي الدولي وزيادة الثقة في البلاد كشريك اقتصادي وسياسي .
واذا تم اتخاذ هذه الخطوات فان البلاد ستكون على الطريق الصحيح لتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي يستحقه شعبها .
محمد يحيى ول اجيد ول الشيخ ول عبدي ول سيد احمد