المتابع: كشف بطل الشطرنج الموريتاني الشاب عبدالرحيم ولد الطالب محمد عن قراره اعتزال اللعبة “حتى يتم خلق ظروف مناسبة” للعبة في البلاد.
وقال عبد الرحيم، في بيان اعتزاله على حسابه في الفيسبوك، إنه بقي صامتا لوقت طويل، رغم اطلاعه على محاربة طموح الشباب المنخرطين في رياضة الشطرنج، داعيا السلطات العليا في البلد، “للتدخل وتصفية الساحة من أولئك الذين يقفون عائقا أمام تقدم الشباب وتوفير الظروف المناسبة لهم”.
وسبق وأن فاز ولد الطالب، الحائز على لقب أستاذ اتحادي للشطرنج، في مناسبات دولية عدة، منها الميدالية الذهبية في بطولة العرب لأقل من 18 سنة، كما حصل على المرتبة الأولى مناصفة في بطولة إفريقيا لأقل من 20 سنة.
وهذا نص بيان الإعتزال:
“بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة والسلام على النبي الكريم
نداء باسم شباب موريتانيا
لقد بقيت صامتا لمدة طويلة على ما أرى من محاربة النجاح في رياضة الشطرنج لمجموعة كبيرة من الشباب و لي شخصيا. و أظن أن العديد من الرياضات لديها مشاكل مشابهة.
سأتناول هذا الموضوع هنا و أعطى لاحقا الاثباتات و سأطرح للرأي العام الوثائق و الإسنادات لكي نضع الجميع أمام مسؤولاته و نضع أيضا المصلحة العليا للوطن و لكي نترك الشباب يعيش لتحقيق أهدافه.
إن لم تكونوا عونا لنا فلا تكونوا عائقا في وجوهنا !!
١. رحلة الحلم المحطم
في شهر مارس 2022 شاركت في بطولة العرب للفئات و كان من المفروض أن ألعب في فئة أقل من 16 سنة و كان الفائز يحصل على لقب FM و هو اللقب الثالث في سلم ترتيب الإتحاد الدولي و كنت أقوى من جميع المنافسين تصنيفا و احتمال الفوز بالمركز الأول كبير جدا لكنني إخترت المنافسة في الفئة الأكبر سنا (تحت 18) بسبب أن الفائز يحصل على لقب أستاذ دولي IM و هو اللقب الثاني في الترتيب الدولي. لعبت في هذه الدورة و تفاجئنا بإدخال العراق لبعض اللاعبين الذين يبلغ سنهم 20 سنة. بدأت البطولة و تقدمنا بعدة إشعارات للإتحادية الموريتانية للشطرنج لإخطار الحكم بما حصل و رغم تكرار المطالبة لم تتخذ الاتحادية الموريتانية أية خطوة. إنتهت البطولة و فاز بها الأستاذ الدولي العراقي ذو العشرين سنة و حللت في الرتبة الثانية و حصدت الفضية بدل الذهب.
عند الرجوع لانواكشوط قمت رفقة مدربي بكتابة رسالة أرسلت لرئيس الاتحادية الذي بعث بها للاتحاد الدولي و كان الجواب الذي أبلغنا به أنه فات الأوان لأن الاتحادية الدولية اعتمدت تقرير الحكم و لو كانت الرسالة وصلت قبل اعتماد نتائج البطولة لفزت بلقب بطل العرب و لقب أستاذ دولي.
لكن ما زال للتاريخ موعد آخر
٢. المنع من المشاركة في بطولة العالم للشطرنج للشباب
في شهر سبتمبر الماضي كنت استعد لبطولة العالم المقامة في رومانيا و التي تنطلق يوم 6 سبتمبر 2022 و أنا في أتم الإستعداد لها. تم تسليم الجوازات من طرف السفارة الموريتانية بالرباط لسفارة رومانيا و في اليوم الموالي (1 سبتمبر) منحت السفارة الرومانية التأشيرة. و رغم الإتصالات المتكررة بالاتحادية للتواصل مع السفارة الموريتانية بالرباط لم تحرك ساكنا. و في يوم 5 سبتمبر بعد أن استحال الذهاب (رغم الإتصالات التي حدثت و استعداد سلطات البلد أن تأخذ كل التدابير للمشاركة في بطولة العالم) خرجت علينا الاتحادية الموريتانية للشطرنج ببيان تقول فيه أن المسؤولية تتحملها سفارة رومانيا!!! (سأنشر الصور في مناشير منفصلة).
و السبب بسيط أنهم لم يذهبوا أو يطلبوا من السفارة الموريتانية استلام الجواز !!! و هكذا غابت موريتانيا عن بطولة العالم.
بدأت أشك أن هناك شيء غير طبيعي. أن يتم عمدا تغييبك هكذا عن بطولة هامة.
٣. مكيدة البطولة المغلقة !!
بين 24 و 31 مارس 2022 تم تنظيم البطولة الوطنية للشطرنج و فزت فيها بعد إحراز العلامة كاملة أي الفوز على المنافسين التسعة بشكل نظيف و هي أول مرة في تاريخ موريتانيا التي يحصل فيها البطل على النقطة الكاملة. كان من المفروض أن تقام التصفيات السنة المقبلة (2023) في نفس التاريخ و تجرى المنافسة على الكأس. لكن كان هناك شيء يحاك في الخفاء.
خلال وجودي بالجزائر للمشاركة في البطولة الإفريقية للشباب (التي تعادلت في المركز الأول مع الأستاذ الدولي الجنوب إفريقي كارستن) نشرت الإتحادية الموريتانية للشطرنج خبرا يوم 20 نوفمبر أنها ستقوم بإجراء منافسات للبطولة الوطنية و تم اختيار توقيت معين تعجبت من هذا التاريخ و عرفت أن هناك شيء غير شفاف كما عرفت حينها أن كل ذلك الحراك هو محاولة التهرب من مقارعتي. لكن هذه ليست الطريقة الشريفة لكسب الألقاب !!
ثم عرفت السبب الحقيقي في الإسراع في تنظيم بطولة خاوية و هي البطولة التي قاطعتها الأندية و تم تغييب جميع الولايات الداخلية عنها. فقد أبلغت أن هذا المكتب بدأ مأموريته يوم 17 فبراير 2019 و ستنتهي مأموريته التي مدتها 4 سنوات في شهر و نصف و لذلك لزم الإسراع في تنظيم شيء سابق لوقته و مفرغ من محتواه نزولا عند رغبة أحدهم !!!
٤. التعامل مع هذا الواقع القاتم و حصيلة نتائجي
ما أقوله ربما هو ما يفكر فيه كثير من شباب بلدي : مهما فعلت من تضحيات هناك دائما من يريدون أن لا تنجح و إذا ترك لهم المجال لكبح تطور الشباب يكون ذلك بمثابة مشاركتهم فعلتهم.
مشاركاتي الخارجية التي كان يحتمها حلولي بطلا لموريتانيا و صاحب أعلى تصنيف دولي في الوطن جعلتني أنسى كل ذلك عندما تبدأ المنافسة و لم أخيب أمل مواطني بلدي فقد حصدت أول لقب قاري في تاريخ البلاد و جلبت لها ثلاث ميداليات ذهبية و فضيتان و برونزيتين مع العلم أن الميداليات غير الذهبية هي خلال منافسات مع الفئات الأكبر مني سنا بكثير. و أبرز الألقاب هي
1. حصلت على بطولة إفريقيا في فئتي العمرية
2. حصلت على بطولة العرب لأقل من 18 سنة (لو احتسب العمر)
3. حصلت على المرتبة الأولى مناصفة في بطولة إفريقيا لأقل من 20 سنة و حصلت على أعلى لقب في موريتانيا IM و هو الوحيد في منطقتنا
4. في الأولمبياد العالمي في الهند حصلت على أكبر عدد من النقاط ضمن الفريق المشارك و فزت بلقب أستاذ إتحادي للشطرنج.
5. الخلاصة : انقذوا الشباب
هذا النداء ليس لي شخصيا بل هو لكل شباب هذا الوطن. إنني أدعو السلطات العليا في البلد للتدخل و تصفية الساحة من أولئك الذين يقفون عائقا أمام تقدم الشباب و التركيز على وضع الظروف المناسبة لتقدمهم و سترون العلم الوطني يرفرف في كل ربوع العالم و سيكون هذا الشباب هو من سيرفع رؤوسنا فلا تحاربوه فتروه تائها في العالم بحثا عن وطن.
أما بالنسبة لي، فإنني قررت و بعد التشاور مع مدربي و عدة لاعبين كبار تأكدوا من أن الآفاق مسدودة، قررت أن اتوقف بشكل نهائي عن اللعب حتى توجد الظروف المناسبة لمزاولة الرياضة و سأقتصر على المشاركات في البطولات الدولية المفتوحة على حسابي الشخصي، بعيدا عن من يجعل العراقيل أمامي بدل أن يكون عونا لي.
و الله ولي التوفيق و كل عام و موريتانيا بخير”.