آراءالرئيسيةالمنبر السياسي

خطورة الابتذال في الاتصال السياسي وانعكاساته السلبية على صورة النظام (بيان لجنة نساء الحزب نموذجا)

في عالم السياسة والإعلام، تلعب الاتصالات الرسمية دورًا بالغ الأهمية في تشكيل صورة القيادة والنظام الحاكم لدى الرأي العام. إلا أن هذه الاتصالات قد تحمل انعكاسات عكسية إذا لم تُدار بحرفية ودقة، خاصة عند التعامل مع القضايا ذات الطابع الشخصي، كما هو الحال مع البيان الصادر عن اللجنة الوطنية لنساء حزب الإنصاف بشأن نجاح العملية الجراحية للسيدة الأولى، الدكتورة مريم بنت الداه.

الابتذال يضر بالصورة العامة للنظام: إن الاحتفاء المفرط بقضايا شخصية، مثل نجاح عملية جراحية للسيدة الأولى، بأسلوب مبتذل وغير مدروس، قد يؤدي إلى نتائج سلبية، أبرزها:

1. تشويه صورة الرئيس والسيدة الأولى:
إن تحويل قضية شخصية إلى موضوع احتفال سياسي يظهر عدم احترافية في فهم قواعد البروتوكول والاتصال الرسمي. وهذا قد يجعل النظام يبدو وكأنه يستخدم الشؤون الخاصة للتغطية على قضايا أكثر أهمية أو لتوجيه النقاش العام بشكل غير متوازن.

2. التمييع السياسي للخبر :الأسلوب المبتذل في معالجة القضايا قد يثير استياء الرأي العام، الذي يتوقع من القيادة والمؤسسات الرسمية مستوى عاليًا من الجدية والاحترافية. وهذا التمييع قد يضر بسمعة الحزب ويضعف ثقة المواطنين فيه.

3. تأثيرات طويلة الأمد على الرأي العام:
في عصر الإعلام الرقمي، يتابع الجمهور كل التفاصيل ويتفاعل معها بسرعة. إذا شعر الجمهور بأن هذه الاتصالات تتسم بالابتذال، فقد يؤدي ذلك إلى ترسيخ صورة سلبية عن النظام والحزب، ما يؤثر على موقفهم في الانتخابات وعلى استقرار النظام سياسيًا واجتماعيًا.

أخطاء بروتوكولية متكررة: للأسف، هذا الخطأ ليس الوحيد من نوعه. فقد شهدنا في الآونة الأخيرة عدة أخطاء مشابهة، منها:

استقبال العالم الفرنسي في مهرجان مدائن التراث:
الخطأ البروتوكولي في تنظيم استقبال هذا العالم أعطى انطباعًا بعدم احترام الإنجازات العلمية والثقافية، وأظهر ضعف التنسيق بين الجهات المنظمة.

الاحتفاء المبتذل بنجاح عملية السيدة الأولى:
بينما كان الشعب الموريتاني سعيدًا بخبر نجاح العملية، إلا أن استغلاله سياسيًا أظهر جهلًا واضحًا بأساسيات العلاقات العامة والبروتوكول، مما يعكس نقصًا في الكفاءة المهنية لدى الجهات المعنية.

ضرورة الإصلاح: لتجنب هذه الأخطاء في المستقبل، يجب على النظام والمؤسسات التابعة له:

1. تعزيز الكفاءة في العلاقات العامة والبروتوكول:
من الضروري تدريب المسؤولين على أفضل الممارسات في الاتصال الرسمي وإدارة الصورة العامة للنظام بشكل احترافي ومؤثر.

2. الفصل بين الحياة الشخصية والسياسة:
يجب احترام الخصوصية وعدم استخدام القضايا الشخصية للقيادة في الحملات السياسية أو الإعلامية.

3. التعامل بحساسية مع الرأي العام:
يجب فهم طبيعة الجمهور ومراعاة توقعاته، لتجنب أي رسائل قد تثير انتقادات أو تؤدي إلى سوء الفهم.

إن الصورة العامة لأي نظام سياسي تعتمد بشكل كبير على احترافية اتصالاته وطريقة تعامله مع القضايا الحساسة. إن الأخطاء المتكررة، مثل الاحتفاء المبتذل بشؤون شخصية أو ارتكاب أخطاء بروتوكولية، تعكس ضعفًا في فهم ديناميكيات الاتصال السياسي وتؤثر سلبًا على صورة القيادة. من هنا، فإن التحسين العاجل لهذه الجوانب أصبح ضرورة ملحة لحماية النظام وتعزيز مكانته أمام الرأي العام.

بقلم: الباحث والمتخصص في الاتصال والإعلام والكاتب الصحفي محمد سيد أحمد محمد سيدأحمد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى