آراءالرئيسية

اللغة كاختبار للشرعية: قراءة في اجتماع المكتب السياسي/ محمد لحظانه

في لحظات التحوّل، لا يُختبر الحزب بقراراته وحدها، بل بلغته أيضًا؛ فاللغة تكشف عمق الانتماء وصدق المسؤولية قبل أن تظهر النتائج على الأرض، وتعكس مدى احترام القواعد التي تنظّم المسار.

خلال اجتماع المكتب السياسي لحزب الإنصاف، مساء السبت 27 ديسمبر 2025، برزت كما قيل لنا عبارات بدت عفوية، لكنها محمّلة بالدلالة: أحد القياديين، نائب الرئيس، أعلن أن عضويته في الحزب لم تتجاوز (3) أيام، بينما خاطب آخر زملاءه بعبارة: «حزبكم هذا… حزبكم هذا». لحظات كهذه تُظهر الفجوة بين الموقع والمسؤولية، وبين الانتماء كصفة والانتماء كممارسة حقيقية، وتعكس وعي القائد بالقواعد التي تؤسّس دوره.

المسؤولية القيادية لا تُختزل في المنصب، بل تتجسّد في إحساس عميق بالانتماء ولغة تعكس هذا الإحساس تلقائيًا، دون تكلّف. ومن هنا يظهر الرابط بين أسلوب التعبير واحترام المسار التنظيمي الذي يحدده النظام الداخلي، بوصفه ضمانة لاستقامة المسار واستدامة الشرعية.

النظام الأساسي لحزب الإنصاف يوضح ذلك بجلاء؛ إذ ينص على أن حق الانتخاب داخل هياكل الحزب محصور بمناديب المؤتمر فقط، بينما لا يُمنح أي عضو خارج هذا الإطار صفة التصويت أو انتخاب القيادات. وفي هذا السياق، فإن سير التصويت خلال المؤتمر الأخير لم يحترم هذه النصوص بالكامل، ما يطرح تساؤلًا حول مشروعية النتائج ويستدعي تأمّلًا هادئًا في أثرها على سلامة المسار التنظيمي.

إن قرارات مؤتمرات الحزب لا تستمد مشروعيتها إلا من احترام النظام الداخلي الذي ينظّمها، باعتباره المرجعية الضامنة لسلامة المسار وعدالة النتائج. كما أن انسجام هذه القرارات مع النهج الذي أرساه الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، والقائم على التدرّس والوضوح والاحتكام إلى القواعد، يظل شرطًا أساسيًا لتعزيز الثقة في المخرجات وصون شرعية العمل الحزبي. فحين تُبنى القرارات داخل هذا الإطار، تصبح تعبيرًا صادقًا عن الانتماء المسؤول، وضمانة لاستقامة المسار التنظيمي وحيويته.

محمد لحظانه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى