فك شفرة قضية مقتل الموريتانيين في مالي بين التعتيم والتسليم \ محمد سيدأحمد
إن عملية مقتل المواطنين الموريتانيين بالحدود المالية، التي تأكد وقوعها بالتزامن مع موقف رسمي و شعبي موريتاني عن التمسك بالموقف الداعم والمساند للشعب المالي في وجه الحصار المفروض عليه، عملية مدانة وتضع أكثر من علامة استفهام مع ترجيح فرضية العمل المخابراتي الدولي من جهة ما؛ والتي تهدف من وراء هذا العمل إلى للتشويش على العلاقات الموريتانية المالية والموقف الموريتاني الشعبي والرسمي الصلب الداعم للشعب المالي الذي يهدد نجاعة الحصار المفروض على الحكومة المالية. السؤال المطروح: هل الجيش المالي مخترق من قبل مخابرات أجنبية تسعى للتشويش على علاقات موريتانيا مع مالي؟
التعاطي الرسمي والإعلامي مع القضية: لقد عرفت هذه القضية محاولة تعتيم رسمية وكذلك تعتيم وتجاهل تام بل تشكيك في وقوعها من الأساس من قبل جهات إعلامية وشخصيات إعلامية عرفت بالمصداقية، إلا أن تعاطيها مع هذه القضية كان سلبيا، فما الذي يجعل مؤسسة إعلامية تنشر خبر تنقل قادة الجيش ولا تتحرى فيه التأكد وتنتظر حتى تندلع مظاهرات احتجاجية مطالبة بكشف حقيقة مقتل المواطنين الموريتانيين لتنشر تأكيد لمقتل الضحايا وتنشر خبر وجود احتجاجات؟
مبررات صمت الحكومة وعملها في الكواليس على متابعة القضية: تعي الحكومة الموريتانية ما يجري، وتؤمن بأزلية ارتباط مصالح الدولة والشعب الموريتاني باستقرار وأمن مالي، إلا أن السلطات الموريتانية العليا ممثلة في رئيس الجمهورية يعي كذلك أن الوضع في مالي له استثناءاته وإكراهاته خاصة أن مالي أصبحت ملعبا لعدة دول كبرى وجهات استخباراتية لا يروق لها موقف موريتانيا الرسمي والشعبي من الجارة المالية، ولذلك لا يستبعد فرضية تدبير مثل هذه العمليات الأمنية، للتشويش على الدور الموريتاني في المنطقة وخاصة دعم الشعب المالي، من أجل الوقيعة بين موريتانيا ومالي لضم الأولى للحلف المحاصر للثانية خاصة العقوبات المعلنة من سيداو والعقوبات الغير معلنة من قبل فرنسا بسبب الخوف من تقارب حكام مالي الجدد وروسيا والصين من جهة أو الإرتماء الكلي في أحضان الولايات المتحدة.
انفجار الشارع وسط خذلان جل المؤسسات الإعلامية المستلقة ومحاولتها التعتيم على القضية: ولعل قضية الموريتانيين والمعلومات المتضاربة، في البداية واكتفاء الحكومة بمتابعة القضية في الكواليس على مستوى جهاز المخابرات الخارجية ووزارة الدفاع، وعزوف بعض المؤسسات الإعلامية التي كانت تسارع في نقل كل شيء حتى تنقلات قادة الجيش والأمن، رغم أن ذلك غير مهني وغير مسؤول وربما يرقى لدرجة التخابر لجهات معادية، مثل كل ذلك القشة التي قسمت ظهر البعير فخرج المواطنين في مقاطعة عدل بكرو غاضبين واستيقظت العاصمة على وقفات احتجاجية أمام القصر الرئاسي للمطالبة بتوضيح رسمي وتحرك الدولة إزاء عمليات القتل والاستهداف للمواطنين الموريتانيين في مالي دون غيرهم بحسب متظاهرين.
الاعتراف بالقضية والتعامل العلني الرسمي معها: وبعد أن انجلى غبار القضية ووقف أهالي الضحايا على جثث القتلى وعادوا لتأكيد الخبر، بدأت الصورة تتضح شيء فشيء عن التحرك الرسمي الممثل في وفد التعزية لأداء واجب التعزية للأهلي في عدل بكرو من جهة وتوجه وفد أمني وعسكري موريتاني على رأسهم وزير الدفاع حنن ولد سيدي وذلك للوقوف على توضيح رسمي من مالي وفتح تحقيق جدي لينال المجرمون العقاب المناسب ويدفعون الثمن غاليا على حسب تعبير من نقل الخبر لأهالي الضحية نقلا عن رئاسة الجمهورية الموريتانية.
وفي سياق متصل نقلت مصادر إعلامية مطلعة نقلا عن مصادر رسمية في رئاسة الجمهورية القول: إن السلطات العليا كانت تتابع القضية من يوم 17 يناير الجاري وتنتظر توضيحا من مالي مع تأكيد توقيف المسؤولين عن هذا الجرم واستدعاء ممثلين عن موريتانيا للمشاركة في التحقيقات.
ولعل هذه القضية تفتح المجال أمام طرح عدة أسئلة:
ما هي الانعكاسات الرسمية للقضية في حالة لم تتعاون حكومة مالي مع القضية بما ينصف الضحايا ودولتهم؟
ما هو الضامن لعدم تكرار مثل هذه العمليات خاصة أنها ليست المرة الأولى؟
هل ستتحرك موريتانيا في اتجاه إغلاق الحدود مع مالي إن لم يتم معالجة القضية وتقديم ضمانات لعدم تكراره مستقبلا؟
تبقى الإجابة على هذه الأسئلة متعلقة بالموقف الذي ستعبر عنه مالي للوفد الموريتاني.
تقرير: محمد سيدأحمد للحرية.نت